Arabic Paper

Download as docx, pdf, or txt
Download as docx, pdf, or txt
You are on page 1of 8

‫من هو أبو تمام‬

‫في اإلجابة عن سؤال‪ :‬من هو أبو تمام؟ فهو حبيب بن أوس بن الحارث الطائي المعروف بأبي‬
‫تمام‪ ،‬ولد أبو تمام سنة ‪803‬م ألبوين مسيحيين أسلَم ا فيما بعد‪ ،‬في قرية جاسم وهي قرية من‬
‫قرى حوران جنوب سورية‪ ،‬استدعاه الخليفة العباسي إلى مركز الخالفة العباسية في بغداد‬
‫وقَّد مه على الشعراء في عصره‪ ،‬كان أبو تمام أسمر اللون طويل القامة‪ ،‬فصيح اللسان والبيان‪،‬‬
‫يحفظ الكثير من شعر العرب وأراجيزهم‪ ،‬ويقول الصولي في أخبار أبي تمام‪" :‬إَّن ه كان أجَّش‬
‫الَّصوت يصطحُب راوية له حسن الَّص وت فينشد شعره بين يدي الخلفاء واألمراء"‪ ،‬كان شعره‬
‫قوًّي ا جزاًل ‪ ،‬حَّت ى ناطح كبار شعراء العصر العباسي كالمتنبي والبحتري‪ ،‬وقد كتب أبو تمام‬
‫مؤلفات كثيرة‪ ،‬منها‪ :‬فحول الشعراء وديوان الحماسة ومختار أشعار القبائل ونقائض جرير‬
‫واألخطل‪ ،‬وقد توِّفي أبو تمام في الموصل عام ‪845‬م‬

‫حياة أبي تمام‬

‫ولد أبو تمام في قرية من قرى حوران جنوب سوريا‪ ،‬وارتحل إلى مصر وتعَّلم في حلقات‬
‫العلم في مسجد الفسطاط من الشيوخ الذين كانوا يعلمون الناس اللغة والنحو واألدب والدين‪،‬‬
‫وقد حفظ الشعر منذ كان طفاًل ونظمه فقَّلد الشعراء السابقين‪ ،‬ثَّم انفرد أبو تمام فيما بعد بصوٍت‬
‫شعري خاص مَّك نه من كتابة أجود الشعر في حياته‪ ،‬وقد كان أبوه خماًر ا في دمشق‪ ،‬أَّما هو‬
‫‪.‬فقد عمل حائًك ا في بدايات حياته‪ ،‬ثَّم انتقل أبو تمام إلى حمص وفيها بدأ حياته الشعرية الفعلية‬

‫نبذة ديوان الحماسة ألبي تمام إَّن من أشهر مؤلفات الشاعر العباسي أبي تمام ديوان الحماسة‪،‬‬
‫وهو ديوان عظيم جمع فيه أبو تمام حبيب بن أوس الطائي أجود شعر العرب‪ ،‬وقد قَّسمه أبو‬
‫تمام إل فهارس عدة‪ ،‬وهي‪ :‬فهرس أعالم شعراء الحماسة‪ ،‬فهرس قوافي ديوان الحماسة‪،‬‬
‫فهرس بأعالم الشعراء الواردة في شرح ديوان الحماسة‪ ،‬فهرس خاص بأنصاف األبيات مرتبة‬
‫على ترتيب بحور الشعر‪ ،‬فهرس بأعالم غير الشعراء الذين ورد لهم ذكر في شرح ديوان‬
‫الحماسة للتبريزي‪ ،‬وقد ُسِّمي ها الكتاب بالحماسة ألَّن أول أبوابه اسمه الحماسة‪ ،‬وقد ذكر فيه‬
‫أبو تمام كَّل أغراض الشعر العربي المعروفة آنذاك تقريًبا‪ ،‬فأورد أبواًبا خاّص ًة لكٍّل مما يأتي‪:‬‬
‫"المراثي‪ ،‬األدب‪ ،‬النسيب‪ ،‬الهجاء‪ ،‬األضياف المديح‪ ،‬الصفات‪ ،‬الملح‪ ،‬مذَّمة النساء‪ ،‬والباب‬
‫‪.‬األول هو باب الحماسة كان أطول األبواب في ديوان الحماسة وأغزرها‪ ،‬وهللا تعالى أعلم‬

‫شعر أبي تمام في نهاية الحديث عن الشاعر العباسي أبي تمام حبيب بن أوس الطائي‪ ،‬ال بَّد من‬
‫المرور على بعض قصائد هذا الشاعر التي ترسم ذاته وتوِّضُح مالمحه الشاعرة وتكشف فكر‬
‫هذا الشاعر الكبير‪ ،‬وتشير بالبنان إلى شاعر فحل من فحول العصر العباسي‪ ،‬قارنه النقاد‬
‫بالبحتري والمتنبي وعجزوا عن التفضيل بينهم‪ ،‬وفيما يأتي بعض قصائد هذا الشاعر الكبير‬

‫يقول أبو تمام‬

‫في َح ِّد ِه الَح ُّد َب يَن الِجِّد َو الَلِعِب‬ ‫الَس يُف َأصَد ُق َأنباًء ِمَن الُكُتِب‬
‫في ُمتوِنِه َّن َج الُء الَش ِّك َو الِر َيِب‬ ‫بيُض الَص فاِئِح ال سوُد الَص حاِئِف‬
‫َب يَن الَخ ميَس يِن ال في الَسبَعِة الُشُهِب‬ ‫َو الِعلُم في ُشُهِب اَألرما الِمَع ًة‬
‫ِح‬
‫صاغوُه ِمن ُز خُرٍف فيها َو ِمن َك ِذِب‬ ‫َأيَن الِر واَي ُة َب ل َأيَن الُنجوُم َو ما‬

‫ويقول الشاعر العباسي أبو تمام في قصيدة أخرى‪:‬‬

‫ِبُم لَت َح ٍم ِإاّل َو ِم ّن ا َأميُرها‬ ‫َه ِل ِاجَت َمَع ْت َع ليا َمَع ٍّد َو َمذِح ٍج‬
‫َو صاَر ِلَط يٍء تاُجها َو َس ريُرها‬ ‫َب ِل الَيَم ُن ِاسَت عَلْت َلدى ُك ِّل َموِط ٍن‬
‫َو َم كلوَم ٌة َلّباُتها َو ُنحوُرها‬ ‫ُم َح َّر َم ٌة َأكفاُل َخ يِلَي في الَو غى‬
‫َو َت نَد ُّق َب أًسا في الُصدوِر ُصدوُرها‬ ‫َح راٌم َع لى َأرماِحنا َط عُن ُمدِبٍر‬
‫ابن المعتز‬

‫ابن الُم عَت ّز هو العاِلم‪ ،‬واألديب‪ ،‬والشاعر‪ ،‬والخليفة العّباسي عبدهللا بن الُم عَت ّز بن الُمتوِّك ل بن الُمعتِص م بن‬
‫هارون الرشيد ابن مهدي بن المنصور بن محمد بن علّي بن عبدهللا بن العّباس بن عبد الُم َّط لب الهاشمّي ‪،‬‬
‫ُيكَّن ى بأبي العّباس‪ ،‬وُيلَّقب بابن الُم عَت ِّز ‪ُ .‬و ِلد في مدينة بغداد‪ ،‬وكَّر س حياته لطلب الِعلم‪ ،‬ودراسة األدب‪،‬‬
‫وكتابة الشعر‪ .‬والناظر في ُم ؤَّلفات‪ ،‬وِش عر ابن الُم عَت ِّز ‪ ،‬يجد أّن ه كان أديبًا بليغًا‪ ،‬واسع الِفكر‪ ،‬حسن التشبيه‪،‬‬
‫باإلضافة إلى أّن ه كان شاعرًا مطبوعًا‪ ،‬وُمقتِدرًا في ِش عره‪،‬؛ فقد خاَلط العلماء‪ ،‬واألدباء‪ ،‬وتوَّسع في ِع لمه‪،‬‬
‫ومعرفته‪ ،‬وظَّل على ذلك إلى أن ُتوِّفي في عام ‪ 296‬هجرّية (‪909‬م‬

‫حياة ابن الُم عَت ِّز العلمّية والعملّية‬

‫َح ِظ ي ابن الُم عَت ّز المولود عام ‪247‬هـ منذ صغره باهتمام‪ ،‬ورعاية أثناء تربيته‪ ،‬وتعليمه؛ فقد نشأ‪،‬‬
‫وترعرع في بيت الخالفة في بغداد‪ ،‬وأبدى اهتمامًا بطلب العلم‪ ،‬ودراسة األدب؛ حيث بدأ باالِّط الع على ما‬
‫كان ُمنتِش رًا من علوم في ذلك الوقت‪ ،‬ومنها‪ :‬علوم اللغة‪ ،‬وعلوم الدين‪ ،‬وبعض العلوم األجنبّية‪ ،‬والفلسفة‪،‬‬
‫والمنطق‪ ،‬والفلك‪ ،‬كما درس علوم العربّية‪ ،‬وعلوم األوائل‪ ،‬واألدب على يد كبار شيوخ َع صره‪ ،‬أمثال‪ :‬إمام‬
‫البصرة أبي العّباس ثعلب‪ ،‬وإمام الكوفة أبي العّباس المبرد‪ ،‬والُم ؤِّد ب أحمد بن سعيد الدمشقّي ‪ ،‬وغيرهم من‬
‫ُفَص حاء األعراب‪ ،‬ويجدر بالذكر أّن ابن الُم عَت ِّز دخل باإلكراه ُمعتَر ك السياسة‪ ،‬إاّل أّن ه لم يبَق فيه طويًال؛‬
‫حيث قتله الجنود بعد أن تسَّلم الخالفة بيوم‪ ،‬وليلة‬

‫ُم ؤَّلفات ابن الُم عَت ّز‬

‫وضع ابن الُم عَت ِّز قبل وفاته العديد من الُكُت ب‪ ،‬والُم ؤَّلفات التي تناول في مضمونها جوانب مختلفة من الِعلم‪،‬‬
‫مثل‪ :‬األدب‪ ،‬والِّش عر‪ ،‬والغناء‪ ،‬والبديع‪ ،‬والطبقات‪ ،‬والسرقات‪ ،‬وفيما يلي ِذكر ألهّم هذه الُم ؤَّلفات‪:‬‬

‫كتاب طبقات الشعراء‪.‬‬

‫كتاب الجوارح والصيد‪.‬‬


‫كتاب الزهر والرياض‪.‬‬

‫كتاب حلى األخبار‪.‬‬

‫كتاب اآلداب‪.‬‬

‫كتاب اإلخوان بالِّش عر‪.‬‬

‫كتاب أشعار الملوك‪ .‬أرجوزته في ذّم الصبوح‪.‬‬

‫كتاب الجامع في الغناء‪.‬‬

‫كتاب إلى ُعريب‬

‫لتعريف بالجاحظ‬

‫الجاحظ هو من من كبار أئّمة األدب فهو إمام األدباء في العصر العباسي الثاني‪ ،‬وهو أبو عثمان عمرو بن‬
‫بحر بن محبوب الكناني الليثي بالوالء الذي ُو لد في البصرة سنة ‪159‬هـ بحسب بعض المؤّر خين‪ ،‬وُسّمي‬
‫بالجاحظ لجحوظ عينيه‪ ،‬كما عمل جماًال عند عمرو بن قلع الكناني‪ ،‬ومن صفاته أّن ه كان حاد الذكاء‪ ،‬ذا جلٍد‬
‫وصرامٍة وقدرٍة على الكالم‪ ،‬وبديهة ورأي جِّيد‪ ،‬كما كانت له أساليب ومذاهب وآراء في األدب واللغة‬
‫خاصة به‪ ،‬ووضع طريقة باإلنشاء ُعرفت باسمه‪ ،‬لذا اعُت بر قدوة المنشئين وإمامهم في ذلك العصر مثلما‬
‫كان ابن المقفع إمامهم في العصر األول‪.‬‬

‫نسب ومولد الجاحظ ينتسب الجاحظ‬

‫إلى بني كنانة فهو بصرٌّي ‪ ،‬وقد نشأ عصاميًا معتمدًا على نفسه في كسب رزقه‪ ،‬كما أحّب العلم واللغة‬
‫واألدب فتعلم على أيدي العلماء البصريين وكان واسع الثقافة والعلم‪ ،‬فجمع مختلف ضروب الثقافة والعلم‬
‫في زمانه‪ ]٢[،‬أما تاريخ والدته فلم يحدده المؤرخون بدقة‪ ،‬كما أّن ه هو نفسه كان ال يعلم ذلك التاريخ‪ ،‬وقد‬
‫روى ياقوت أّن ه ُو لد سنة ‪150‬هـ مستندًا إلى خبر للجاحظ نفسه الذي جاء فيه‪( :‬أنا أسّن من أبي نواس بسنة‪،‬‬
‫ُو لدت في أول سنة خمسين ومائة وهو ولد في آخرها)‪ ،‬لكن ياقوت الرومي لم يضع إسنادًا لهذا الخبر‪ ،‬ومن‬
‫جهٍة أخرى فإّن تاريخ والدة أبي نواس ليس معروفًا‪ ،‬وقد جعل بعض المؤرخين والدة الجاحظ سنة ‪150‬هـ‪،‬‬
‫أو ‪159‬هـ‪ ،‬أو ‪160‬هـ‪ ،‬أو ‪163‬هـ‪ ،‬أو ‪164‬هـ‪165 ،‬هـ‪ ،‬كما جعل أصحاب التراجم أبا يوسف القاضي‬
‫المتوفي سنة ‪182‬هـ أستاذًا للجاحظ في علم الحديث‪ ،‬أما التاريخ الصحيح المعروف هو تاريخ وفاة الجاحظ‬
‫وهو سنة ‪255‬هـ‪ ،‬وقد حسب المؤرخون عمره مستندين على نكتة زعموا أّن ه قالها في أواخر حياته جاء‬
‫فيها‪( :‬واألمر في ذلك أّن ي قد جزت التسعين)‪ ،‬وفي خبر آخر‪( :‬أنا في هذه العلل المتناقضة التي يتخّو ف من‬
‫بعضها التلف وأعظمها ستة وتسعون سنة)‬

‫نشأة وحياة الجاحظ‬

‫عاش الجاحظ قرابة المئة عام وكان العصر الذي عاش به عصر ازدهاٍر لكافة العلوم العربّية واإلسالمّية‪،‬‬
‫فقد تبّو أت اللغة العربية مكانة رفيعًة في تلك الفترة‪ ،‬كما نشطت حركة الترجمة والنقل عن الثقافات األجنبّية‪،‬‬
‫وقد شهدت الدولة اإلسالمّية أيًض ا نهضًة ورقّي ًا في كافة ميادين الحياة‪ ،‬ويعود الفضل في ذلك التقدم‬
‫واالزدهار للخلفاء والوزراء‪ ،‬كما انتشرت األسواق األدبية التي كانت ُت قام فيها حلقات الشعر وُيعرض فيها‬
‫كّل جديد في اللغة واألدب مثل سوق المربد‪]٢[.‬‬

‫كان الجاحظ ذكيًا جدًا وصبورًا على طلب العلم‪ ،‬وقد تتلمذ على أيدي فحول العلم واألدب حينذاك‪ ،‬فقد أخذ‬
‫اللغة واألدب عن األصمعي‪ ،‬وأبي عبيدة‪ ،‬وأبي يزيد األنصاري‪ ،‬والنحو عن األخفش‪ ،‬والحديث عن حجاج‬
‫بن محمد‪ ،‬وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة‪ ،‬ثّم تثقف ثقافة االعتزال وكان أهم أستاذ له في ذلك النّظ ام‪ ،‬فكان‬
‫المعتزلة يهتمون باالطالع على الديانات األخرى ومعرفتها جيدًا ألّن هم جعلوا من أنفسهم دعاًة لإلسالم‪،‬‬
‫وكانوا يعتقدون أّن عليهم أن يكونوا على معرفة تامة بدينهم وبالديانات األخرى‪ ،‬فدرسوا الفلسفة اليونانية‬
‫ألّن أعدائهم كانوا قد اتخذوها وسيلًة للدعوة إلى دينهم‪ ،‬لذا درسوا ثقافة أرسطو وما فيها عن علم الحيوان‪،‬‬
‫وصبغوها بطابعهم الديني‪]٢[.‬‬

‫كان الجاحظ شديد الولع بالقراءة والمطالعة‪ ،‬حتى أّن ه كان يستأجر دكاكين الوراقين ويبيت فيها للقراءة‬
‫والدراسة‪ ،‬وقد اندمج في الحياة الواقعّية واستفاد منها‪ ،‬وتنّو عت المواضيع التي درسها وكتب فيها‪ ،‬ومنها‬
‫الحيوانات والنباتات‪ ،‬وقد كان الندماج الجاحظ في المجتمع واختالطه بكافة فئاته ومجالسته لألدباء‬
‫والشعراء والملوك واألمراء األثر الواضح في تنمية معرفته وزيادة تجاربه‪[.‬‬

‫علم وثقافة الجاحظ‬


‫كان الجاحظ في بداياته يعيش حياًة بسيطة‪ ،‬فقد نشأ في طبقٍة اجتماعيٍة فقيرٍة مكتسًبا قوته من عمل يديه‪،‬‬
‫ورغم ذلك فهو لم يترك العلم والمطالعة‪ ،‬فكان يعمل ويتعلم في آٍن واحد‪ ،‬وكان يحضر الدروس في المسجد‪،‬‬
‫ثّم اتصل بالشيوخ واألئمة آنذاك وأخذ عنهم كما سبق الذكر‪ ،‬كما خالط أعالم الترجمة والكتابة وقرأ ما تيسر‬
‫له من الكتب المترجمة أيام المنصور والرشيد والبرامكة والمأمون‪ ،‬ومن الجدير بالذكر أّن المكتبات العامة‬
‫لم تكن متوفرة في تلك الفترة أي في أواخر القرن الثاني للهجرة‪ ،‬كما كانت الكتب نادرة وغالية جدًا‪ ،‬فلم‬
‫تكن إمكانيات الجاحظ المادية تسمح له بشرائها‪ ،‬لذا كان يحصل عليها عن طريق أساتذته وأصدقائه الذين‬
‫كانوا يضعون مكتباتهم تحت تصرفه‪]٤[.‬‬

‫اشتملت ثقافة الجاحظ على كافة العلوم المعروفة في عصره‪ ،‬فدرس المنطق والفلسفة والرياضيات‬
‫والطبيعيات والسياسة واألخالق والفراسة‪ ،‬وقد أبدع فيها جميعها‪ ،‬وتكّو نت لديه ثقافة متنوعٍة وغزيرٍة‪،‬‬
‫وحين ذاك انتقل إلى بغداد ليزيد من معرفته واطالعه‪ ،‬ثّم اتصل فيها بالكبار من رجال الدين وعلماء اللغة‪[.‬‬
‫‪]٤‬‬

‫اعتبر الجاحظ من أغزر المؤلفين إنتاجًا‪ ،‬فكتب عن األدب والشعر والديانات والعقائد‪ ،‬واإلمامة والنبوة‪،‬‬
‫والمذاهب الفلسفية‪ ،‬وبحث في السياسة واالقتصاد واألخالق وطبائع األشياء‪ ،‬وتكلم عن العصبية وتأثير‬
‫البيئة‪ ،‬ونظر في العلوم التاريخية‪ ،‬والجغرافية والطبيعة‪ ،‬فكتب في المدن واألمصار والمعادن وجواهر‬
‫األرض‪ ،‬والكيمياء والنبات والحيوان‪ ،‬والطب والفلك‪ ،‬والموسيقى والغناء وكتب في الجواري والغلمان‪،‬‬
‫والعشق والنساء‪ ،‬والنرد والشطرنج‪ ،‬وغير ذلك مما يتناول الحياة االجتماعّية واألدبّية والعلمية في عصره‬
‫وقبل عصره‪]٤[،‬‬

‫أما عن العلماء والشيوخ الذين أخذ عنهم الجاحظ فقد قال في ذلك أبو الحسن الدهماني‪( :‬ال ريب أن للجاحظ‬
‫علماء وشيوخ‪ ،‬أخذ عنهم العلم في شتى فروعه‪ ،‬فقد سمع من األصمعي وكان كثير الرواية عنه‪ ،‬وأبو عبيدة‬
‫عمر بن المثنى‪ ،‬وأبي زيد األنصاري‪ ،‬وأخذ النحو عن أبي الحسن األخفش‪ ،‬وكان صديقه‪ ،‬وأخذ الكالم عن‬
‫النظام‪ ،‬ثم إنه تلقف الفصاحة من العرب شفاهًة بالمربد‪ ،‬وكذلك أخذ عن أستاذ األصمعي خلف األحمر‪ ،‬الذي‬
‫اشتهر برواية الشعر ونحله‪ ،‬وكان الجاحظ معجب بخلف كثيرًا‪ ،‬رغم أّن ه لم يجالسه إال قليًال‪ ،‬فقال الجاحظ‬
‫في ذلك‪( :‬لقد جلست إلى أبي عبيدة‪ ،‬واألصمعي ويحيى بن نجيم‪ ،‬وأبي مالك عمرو بن كركره‪ ،‬مع من‬
‫جالست من رواة البغداديين‪ ،‬فما رأيت أحدًا منهم قصد إلى شعر في النسيب فأنشده‪ ،‬وكان خلف يجمع ذلك‬
‫كله)‪ ،‬ثّم إّن الجاحظ كان قد اكتسب الثقافة اليونانية عن طريق علماء الكالم‪ ،‬وعن طريق مصاحبته لحنين‬
‫بن إسحق وسلمويه‬

‫الجاحظ شاعرًا وناقدًا في الشعر‬

‫كان الجاحظ شاعرًا وناقدًا في الشعر‪ ،‬فكان يرى أن الشعر يقوم على أربعة أركان؛ الصبغة‪ ،‬والصياغة‬
‫اللفظية‪ ،‬والوزن‪ ،‬والتصوير‪ ،‬وهذه بعض آراء الجاحظ حول الشعر‪:‬‬

‫اعتقد الجاحظ أّن الشعر حديث الميالد‪ ،‬فعاد به إلى امرئ القيس والمهلهل‪ ،‬كما أرجع جذوره إلى أرسطو‬
‫وأفالطون في األدب اليونانّي القديم‪ .‬رأى الجاحظ أّن للشعر قيمًا منها فردية تعود إلى الشاعر المادح‬
‫والممدوح‪ ،‬ومنها اجتماعّية‪ ،‬وهي التثقيف وما يلعبه الشعر في حياة العرب‪ ،‬فهو الذي أشاد بُمثلهم العليا‪،‬‬
‫كالمروءة والكرم والشجاعة‪ ،‬فالشعر هو سجل مآثرهم‪ ،‬كما ذكر الجاحظ وظيفة أخرى للشعر فنّية ووظيفة‬
‫نفسّية كذلك‪ .‬ال يعتبر الشعراء كلهم في رأي الجاحظ في مرتبة واحدة من حيث إجادة الشعر‪ ،‬فكان يرى أّنهم‬
‫مقسمون إلى طبقات مختلفة‪ ،‬فمنهم الذين يهتمون بتنقيح شعرهم وتهذيبه وإعادة النظر فيه‪ ،‬فهو يعتبرهم‬
‫متكلفون ومتصنعون في شعرهم‪ ،‬أما من ال يبالغوا في تنقيح أشعارهم‪ ،‬وال يتكلفوا في صنعتها فقد أطلق‬
‫عليهم اسم الشعراء المطبوعين؛ أي الذين يكونون على طبيعتهم دون تكُّلف وتصُّن ع‪ .‬أثار الجاحظ مسألة‬
‫اللفظ والمعنى‪ ،‬فكان يدعو إلى االهتمام بصياغة الجمل والعبارات بأسلوب وسط‪ ،‬وألفاظ ال عامية وال‬
‫غريبة‪ ،‬ويدعو إلى مطابقة الكالم مع مقتضى الحال‪ .‬اعتنى الجاحظ أيضًا بموضوع االنتحال والسرقات‬
‫الشعرية‪ ،‬ورأى أّن ها حالة معيبة ومزرية‪ .‬درس الجاحظ أيًض ا مسألة التشابه والموافقه‪ ،‬فمن آرائه في تلك‬
‫القضية أّن ه رفض بناء القصيدة على وتيرة واحدة وفي موضوع واحٍد‪.‬‬

‫هذه بعض األبيات الشعرّية للجاحظ‪:‬‬

‫َغ َبَر الَب يِن في ُو جوِه الَص فاِء‬ ‫َك سِح الَه جِر ساَح َة الَو صِل ِلما‬
‫ِهَي َم ذخوَر ة ِلَي وِم الِلقاِء‬ ‫َو َج رى الَب يُن في َمراِفِق ريش‬
‫َت حَت َر أسي َو ساَد َة الَب رحاِء‬ ‫َفَر َش الَه جُر في ُبيوِت ُهموِم‬
‫ِل َأِلبواِبِه ُستوُر الَب هاِء‬ ‫حيَن َه َّي َأت َب يُت خيٍش ِمَن الَو ص‬
‫ُم َت كاها ُمطاِو ُع الَح صباِء‬ ‫َفَر َش الَب حُر لي ُبيوَت َم سوح‬
‫َت عَت ري ِج لَد ُه َص باَح َم ساِء‬ ‫َر َّق َللَّص ِب ِمن َبراغيِث َو جد‬

You might also like