آخراً في رفاهية وطيب عيش، والمسلمون سالمون من يده ولسانه، ولم يكن يخرج من بيته إلا لصلاة الجمعة والعيدين، وربما شهد بعض الجنائز وكانت وفاته نهار الأربعاء ثاني شوال سنة إحدى وخمسين وتسعمائة رحمه الله تعالى.
[محمد بن علي الفلوجي]
محمد بن علي الإمام العلامة شمس الدين بن الفلوجي، ثم الدمشقي الشافعي الواعظ المقرىء، أخو الشيخ أحمد الفلوجي، الآتي في الطبقة الثالثة، وأسن منه إلا أنه توفي شاباً، أخذ عن الشيخ الوالد الإرشاد، واللمحة البدرية له في النحو وغير ذلك، وعلى الشيخ تقي الدين القاري، وعن الشيخ سعد الذهبي وغيرهم، ومكث بالقاهرة سنين في الاشتغال، ثم قدم دمشق يوم السبت ثاني عشري رمضان سنة تسع وثلاثين وتسعمائة، ثم شرع يعظ تحت قبة النسر بالأموي عقب صلاة الجمعة، وابتدأ يوم عيد الفطر، وتكلم على أول الأعراف، وكان يجلس على جلد كعادة الوعاظ المصريين، وكان يحض على الواقعة في وعظه. قال والد شيخنا: كان شابا ذكياً واعظاً يفتي ويدرس في الشامية البرانية، وأم بمقصورة الأموي شريكاً للشيخ شهاب الدين الطيبي، وكان عارفاً بالقراءات فقيهاً حسناً كتابه الإرشاد، كان يثلب أرباب الدولة على ظلمهم سرعة خوفه منهم، واشتهر بين العوام بالوعظ والإفتاء وأقبلوا عليه، وذكر ابن الحنبلي في تاريخه، أنه دخل حلب في سنة اثنتين وأربعين وتسعمائة جرت له بها محنة، وذلك أنه أشيع عنه بحلب أنه يكفر ابن العربي ومن يعتقده، وغالب الدولة والحكام يعتقدونه، فوصل ذلك إلى جماعة من أربابها، فشكوا عليه عند القاضي، وسعوا في قتله فاختفى من حلب، ثم ظهر في مدينة أبيه، وتراءى على عيسى باشا فعرفه الأكابر، فكتبوا له محضراً بعدم التعرض له، لما علموا من حاله أنه حكى كلام المكفرين من غير اعتقاد تكفيره، ثم عاد إلى حلب، ثم رجع إلى دمشق، وتوفي ليلة السبت سادس عشر رمضان سنة اثنتين وخمسين وتسعمائة، وصلي عليه بالجامع الأموي، ودفن بمقبرة باب الصغير وكانت له جنازة عظيمة، وتأسف الناس عليه رحمه الله تعالى رحمة واسعة آمين.
[محمد بن علي الجعبري الحلبي]
محمد بن علي بن يوسف الجعبري، ثم الحلبي المولد والدار، المتعبد على مذهب أبي حنيفة رحمه الله تعالى القصاب بمدينة حلب، المعروف بابن الهويدي، كان شيخاً معمراً، كثير التلاوة باللفظ الواضح الجلي، حتى في حال سيره في الطريق، غزير البكاء عند تلاوة القرآن، إذا مر بآية رحمة، أو آية عذاب منفرداً عن أبناء حرفته بهذا الشأن، وكان كثير الثناء على الشيخ عبد القادر الأبار، وعلى ما حضره من